مهارات التواصل وكيف يمكن تطويرها
مهارات التواصل أو الـ Communication Skills هي القدرات التي تستخدمها عند تقديم أو تلقي مختلف أنواع المعلومات مثل إيصال الأفكار والمشاعر للأطراف الأخرى، أو التعبير عمّا يحدث من حولك.
تختلف عملية التواصل باختلاف الوسيلة المستخدمة لذلك، فنجد أنّ التواصل وجهًا لوجه يكون في الغالب أكثر صعوبة من التواصل عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، ولكلّ طريقة مميزاتها ومهارات خاصّة بها لابدّ من اكتسابها لإتقان عملية التواصل الفعّال. سنتعرّف في مقال اليوم على مختلف أنواع مهارات الاتصال هذه، وكيفية تطويرها وتحسينها لتحقق الفائدة الأعظم من هذه العملية.
أشهر مهارات التواصل
تضمّ مهارات الاتصال الفعّال تحت مظلتها عدّة مهارات تعمل معًا في سياقات ومواقف مختلفة، نذكر منها الآتي:
- مهارات الاستماع الفعّال
ويعني ذلك أن تعير الشخص الذي يتحدّث إليك كامل انتباهك. حيث يتمتّع الأشخاص الذين يمتلكون مهارة الاستماع الفعّال بسمعة حسنة بين زملائهم في الدراسة والعمل، نظرًا للاهتمام والاحترام اللذان يقدّمونهما للآخرين.
- القدرة على تكييف نمط التواصل مع الجمهور
ونعني بهذا اختيار أسلوب وطريقة التواصل المناسبة بناءً على الشخص أو الأشخاص الذين تتواصل معهم. فمثلاً، لو كنت طالبًا جامعيًا وتودّ التواصل مع أحد الأساتذة في كليّتك ممّن لا تعرفهم معرفة شخصية، في هذه الحالة، ستكون الطريقة الأنسب والأفضل من خلال إرسال بريد إلكتروني بدلاً من رسالة على تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو واتساب، أو حتى رسالة هاتفية. وقس على ذلك مختلف المواقف التي تحتاج فيها إلى التواصل مع الآخرين.
- اللطف
يعبر اللطف هنا عن جميع السلوكيات الإيجابية - مهما كانت بسيطة- التي تقوم بها أثناء تواصلك مع الآخرين، كأن تسأل زميلك عن حاله، أو تبتسم له حينما يتحدّث إليك، أو تمتدح تصرفًا قام به.
- الثقة
يميل الناس غالبًا للتواصل والتعرّف على الأشخاص الذين يمتلكون ثقة عالية بأنفسهم، بل وينجذبون للأفكار التي يتمّ التعبير عنها بثقة حتى وإن لم تكن أفكار إبداعية، في حين قد يتجاهلون أفكارًا عبقرية، فقط لأن من قدّمها لم يكن يمتلك ثقة كافية بنفسه وبفكرته.
تلقي التغذية الراجعة وتقديمها
يتمتّع الناجحون أصحاب مهارات التواصل الفعّالة بالقدرة على تقبّل ما يتمّ توجيهه لهم من نقد وتغذية راجعة. كما أنّهم لا يتوانون عن تقديم النصائح والنقد البنّاء هم أيضًا للآخرين.
- الوضوح واختيار نبرة الصوت المناسبة
من المهم أن يكون صوتك واضحًا ومسموعًا عندما تتحدّث، حيث أنّ القدرة على اختيار نبرة ودرجة الصوت المناسبة اعتمادًا على السياقات المختلفة تعدّ مهارة ضرورية لتحقيق تواصل فعّال. فقد يعبّر الصوت المرتفع في بعض المواقف عن الفظاظة وقلّة الاحترام، في حين يدلّ الصوت المنخفض في مواقف أخرى عن الضعف وانعدام الثقة بالنفس. لذا لابدّ أن تحسن تمييز الجو العام السائد في المكان الذي تتواجد فيه وتختار نبرة الصوت المناسبة بناءً على ذلك.
- التعاطف
لن تتمكّن من تحقيق تواصل فعّال إن لم تكن قادرًا على تفهّم مشاعر الآخرين، والتعاطف معهم. لابدّ لك من فهم مشاعر الآخرين حتى تتمكّن من اختيار الكلمات المناسبة التي تردّ بها عليهم. فالتعاطف مع شخص يشعر بالحزن والإحباط، سيسهم في إشعاره بالتحسن، وإدراك أنّ أحدهم فرح وإيجابي سياعدك على طرح أفكارك في الوقت المناسب لتلقى الدعم الذي تحتاجه.
- الاحترام
إحدى أهمّ جوانب الاحترام تتمثّل في معرفة الوقت المناسب الذي تبدأ فيه بالحديث أو الردّ، سواءً كان ذلك أثناء التواصل مع شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص، حيث يعتبر إعطاء المجال للآخرين للحديث دون مقاطعتهم إحدى أهم مهارات التواصل المرتبطة بالاحترام.
- فهم لغة الجسد
تحدث نسبة كبيرة من عملية التواصل عن طريق لغة الجسد. لذا تعتبر قراءة الإشارات غير اللفظية مهارة أساسية من مهارات التواصل الفعّال. وهنا لابدّ أن تكون قادرًا على فهم ما يقوله الشخص الذي أمامك بكلماته وما تعنيه الإشارات التي يقوم بها بجسده، كما يجب عليك أيضًا أن تعي تمامًا لغة جسدك أنت وتحرص على استخدامها بشكل مناسب متناسق مع ما تقوله.
نصائح عملية لتطوّر مهاراتك التواصلية
هل سبق لك أن سمعت بمصطلح "KISS vs KILL"؟ إنّه أحد أهم استراتيجيات التواصل الفعّال في مجال المبيعات، ويمكنك تطبيق هذه الاستراتيجية في جميع مناحي حياتك الأخرى لتحقيق تواصل فعّال. كلمة KISS في هذا السياق هي اختصار لجملة "Keep it short and simple"، وتعني الإيجاز والاختصار. في حين أنّ كلمة KILL هي اختصار لـ "Keep it long and lengthy" وتعني الإسهاب والإطالة. كي تحقق تواصلاً فعّالاً وتطوّر مهاراتك في هذا المجال، احرص دومًا على أن تكون مختصرًا وموجزًا في كلامك أو كتابتك، وفيما يلي عدّة نصائح عملية تساعدك على ذلك:
1- كن فعّالاً في كلامك فالتواصل الفعّال يركّز على النوع بدلاً من الكمّ. تخلّص من الحشو الزائد في كلامك، وتجنّب استخدام كلمات مثل: بصراحة، يعني، مثلا. أو الحشو الصوتي مثل: ممم، هاه، هممم، اووه...الخ. يمكنك التعرّف على كلمات الحشو الأخرى من خلال مراقبة حديثك، أيّ كلمة تشعر أنّك تكررها كثيرًا أثناء كلامك، فهي حشو زائد لابدّ من التخلّص منه. إليك فيما يلي هذا المثال، لنفترض أنّ زميلك سألك عمّا فعلته خلال عطلتك الصيفية، انظر إلى الإجابتين التاليتين ولاحظ الفرق بينهما: "مممم، لم تكن سيئة، أعني….مممم، لقد ذهبنا، أعني أنا وأصدقائي إلى الشاطئ، وسبحنا، لكن ممممم اكتشفت أن السباحة أمر صعب، أعني، كانت أصعب مما تخيلت." "كانت عطلتي جيدة، فقد ذهبت وأصدقائي إلى الشاطئ وسبحنا، لكنني اكتشفتُ أنّ السباحة أصعب مما تخيّلت". كما ترى كلتا الجملتين تؤدي المعنى نفسه، غير أنّ الجملة الأولى تضمّ الكثير من الحشو، والأصوات التي لا داعي لها بل والتي قد تؤدي إلى ضياع الفكرة وإضعاف عملية التواصل.
2- استبدل الحشو بالفواصل الكلامية لا تتردّد في استخدام الفواصل والاستراحات بدلاً من الحشو. حيث أنّ الصمت لعدّة ثوان أثناء الحديث يجعل فكرتك أقوى، ويمنح المستمع إليك وقتًا أكثر لفهم ما تقوله.
3- استخدم كلماتك بذكاء استخدم ما يعرف بالـ conversational threading أيّ تفرّعات المحادثة، فكلّ جملة تقولها، يمكن أن تتفرع إلى مواضيع جانبية تسهم في استمرار الحوار وتحقيق تواصل فعال. وحتى تفهم هذه الفكرة بشكل أفضل، ألقِ نظرة على الجملة التالية: "أعيش في العاصمة، لكن، لطالما رغبتُ في الانتقال إلى الضواحي، فأنا أعشق الطبيعة ولا أحب التواجد في المناطق المكتظّة بالسكان". يمكن لهذه الجملة أن تتفرّع لعدّة مواضيع أخرى، إذ يسعك مثلاً: التحدّث عن وجهة نظرك حول العيش في الضواحي. التحدّث عن مدى حبك للطبيعة واستمتاعك بها. التحدّث عن كونك شخصًا غير اجتماعي تفضّل الهدوء والسكون. فكّر دومًا بجمل تتيح لك التفرّع للحديث عن مواضيع جانبية، ممّا يتيح استمرار عملية التواصل وبالتالي جعلها أكثر فعالية.
4- تجنّب الدخول في وضعية المقابلة الوظيفية ويعني ذلك الاستمرار في طرح الأسئلة، دون أن تتيح للشخص المقابل المجال ليطرح عليك أسئلته أيضًا، إنّك في هذه الحالة تطلب معلومات من الطرف الآخر دون أن تشارك معه أيّ تفاصيل عنك. وقد يكون الأمر معكوسًا فتكتفي بالإجابة عن أسئلة محدّثك دون أن تكلّف نفسك عناء طرح أسئلة عليه، فلا تتيح له المجال للحديث عن نفسه. احرص دومًا على إتاحة المجال أمام الآخرين ليعبّروا عن أنفسهم، وفي كلّ مرّة تجيب فيها على سؤال أحدهم، بادره أنت أيضًا بسؤال عنه حتى يكون الحوار متوازنًا بين الطرفين، وتضمن تحقيق اتصال فعّال.
5- استخدم جملاً مثبتة بدلاً من طرح الأسئلة صحيح أنّ طرح الأسئلة قد يكون الطريقة الأسهل للتواصل، إلاّ أنّ استخدام الجمل المثبتة يؤدي إلى تحقيق تواصل ذو جودة أفضل. يمكنك أن تقول لأحدهم مثلاً: "تبدو لي شخصًا إيجابيًا، أعتقد أنّ هنالك الكثير من النقاط المشتركة بيننا". يمكن للشخص الذي أمامك أن يردّ بعدّة إجابات تؤدي إلى تطوّر الحوار، فقد يقول واحدة مما يلي: "أنت مخطئ، فأنا شخص سلبي للغاية، وكثيرًا ما تراودني أفكار محبطة وسيئة". "أنت مخطئ، لكن ما الذي جعلك تفكّر في أنني شخص إيجابي؟" "إنّك محق تمامًا، أنا أحب الإيجابية والتفاؤل، وأسعى لنشرها من حولي أيضًا، كيف عرفتَ أني كذلك؟" لاحظ أنّ الإجابات المختلفة السابقة قد أصبحت مقدّمة لحوار أعمق وأطول مع هذا الشخص، في حين أنّك لو طرحت سؤالاً بدلاً من ذلك، فربما كنت ستحصل على إجابة واحدة مختصرة تنهي الحوار في الحال.
6- كن مستمعًا جيّدًا حيث يمكنك تطوير هذه المهارة من خلال التركيز على الشخص المتحدّث، وإبعاد جميع الملهيات كالهاتف أو جهاز الحاسوب أثناء الحديث مع الآخرين. وعزّز حسن استماعك باستخدام لغة الجسد المناسبة، كأن تنظر إلى عيني محدّثك، وتهزّ رأسك لتبيّن له أنّك تفهم ما يقول، وتتعاطف مع مشاعره.