استراتيجات لتحقيق استفادة أكبر من تجربة الدراسة عن بعد
تسعى العديد من المراكز والمؤسسات التعليمية لتحديث مناهجها وتطوير وسائل تقديمها، فمع استمرار جائحة كورونا أصبح كلٌ من التعليم الجامعي والمدرسي يتم عن طريق شبكة الإنترنت بنسبة 50% إن لم يكن بنسبة 100% إلا أن فعالية هذا الأمر تختلف من شخصٍ إلى آخر ومن مكانٍ إلى آخر سواء أكان التعليم عبارة عن حصة تعليمية تهدف إلى اكتساب خبرات جديدة، أم اجتماع عمل يهدف إلى النقاش حول موضوع معين. بعض الأشخاص لم يألف الدراسة عن بعد نظراً لأنهم يصقلون مهاراتهم في الصفوف الدراسية والبيئة التفاعلية في حين أن البعض الآخر وجد راحته في النمط الجديد نظراً لما أتاحه لهم من فرصة التركيز على جوانب أخرى كالعائلة والهوايات الشخصية، لكن هل من استرتيجيات تساعدنا على تحقيق استفادةٍ أكبر من الدراسة عن بعد؟!
يقول كونفوشيوس: " تحدث معي وقد أنسى، دعني أشاهد وقد أتذكر لكن أشركني في الأمر وسأتقنه"
يوجد العديد من التقنيات والاستراتيجيات التي تساهم في زيادة فعالية دراستنا عن بعد وجعلها أمرا ممتعًا ومشوقًا، في هذا المقال سنسلط الضوء على أهم النصائح التي تساهم في رفع كفاءة دراستنا عن بعد.
1-تأكد من أن لديك وصولا جيدا إلى الإنترنت
إن شبكة الإنترنت البطيئة تجعل من العمل البسيط أمرًا معقدًا بكل تأكيد، تخيّل معي فقط الموقف التالي: لنفترض أنّك كنت تعمل في أحد الأيام على إنجاز واجب دراسي عليك تسليمه في اليوم التالي، كان هذا الواجب يتطلّب منك جهدًا كبيرًا، وقد قضيت ساعات لإنجازه وكتابته، لكن وقبل أن تحفظه، تعطّل حاسوبك الشخصي، أو انطفأ الجهاز بسبب عطل مجهول؟! سيكون ذلك مُحبطًا بالطبع، دون أن ننسى أنّك قد تحتاج حينها إلى البقاء مستيقظًا طوال الليل لإعادة كتابته من جديد. إنّ امتلاك اتصال جيّد بشبكة الإنترنت سيوفر عليك كلّ هذا العناء، لأنك تستطيع من خلالها القيام بعمليات التخزين السحابي على برامج مثل Dropbox أو Microsoft OneDrive. هذه المواقف تمتلك ميزة إنشاء نسخ احتياطية لكلّ ما تعمل عليه بشكل آني فضلاً عن أنها تتيح لك الوصول إلى ماكنت تعمل عليه عن طريق هاتفك الذكي أو جهازك اللوحي لاستكماله فيما بعد. احرص أيضًا على ما يلي: احفظ معلومات الاتصال الخاصة بمدرسك أو مدربك في هاتفك الخلوي أو في بريدك الإلكتروني. تأكد من وصولك إلى الإنترنت بشكل موثوق وآمن حتى تستطيع البقاء على اطلاع دائم بدورة التعليم عن بعد والتعامل مع التغييرات المفاجئة في الجدول الزمني. في حال اضطررت للعمل على برامج لا تتطلب اتصالا بالإنترنت مثل مايكروسوفت وورد، أو غيرها، احرص على حفظ عملك مرارًا وتكرارًا تجنّبًا لضياع عملك في حال حدوث أيّ أعطال.
2- اتبع شغفك
إن عملنا في وظائف لا نحبها وقيامنا بأشياء لا نستمتع بأدائها حتى وإن كان الهدف منها تحقيق الربح المالي والارتقاء الوظيفي سينعكس سلبًا على أدائنا نظرًا لكم الضغط والضيق الذي سنعيشه فضلاً عن استنزاف ذلك للكثير من الوقت، لكن مع وجود الشغف والرغبة فيما نتعلم فإننا سنصبح قادرين على قهر جميع العوائق التي قد نواجهها فضلا عن رفع حس المسؤولية، الشعور بالرضا الداخلي وتحقيق أهدافنا على الصعيدين المهني والشخصي.
3- كن على دراية بما تتعلم
يتيح لنا التعلم عن بعد الحصول على قدر أكبر من المعرفة والشهادات العلمية مقارنة بنظام التعليم التقليدي، لكن الأمر ليس بتلك البساطة فكما هو الحال عند ذهابنا للمدرسة أو الجامعة فإن الدورات التدريبية والأنشطة التعليمية التي تقام عن بعد تحتاج إلى قدر عالٍ من الالتزام حتى تضمن نجاحها خاصة عند التحاقنا بدورات ذات محتوى ومهام تخصصية. خصص قدرًا كافيًا من الوقت والتزم به، كن مستعدا لتعلم كل ماهو جديد وتأكد من إكمالك لمهامك وواجباتك على أكمل وجه، لكن إن وجدت نفسك غير راغب في التأقلم مع هذا الأمر أو جعله أكثر ملاءمة لك، فمن المحتمل أن أسلوب التعليم التقليدي سيكون الأنسب لك.
4- ركز على هدف واحد وتقدم دون عثرات
لا شك في أن معظمنا فكر في الاتحاق بالعديد من الدورات -ذات المحتوى المترابط- في آن واحد ظنا منّا بأن ذلك يعزّز عملية تعلمنا ويساهم في توفيرنا للوقت، إلا أننا قد نتفاجأ بعد ذلك بأن النتائج التي كنا في انتظارها لم ترقَ للمستوى المطلوب. اعتقاد الشخص بقدرته على القيام بعدة مهام مع المحافظة على الأداء العالي يزيد من فرص فشله في إتمامها، حيث لوحظ أن معظم الأشخاص الذين يميلون إلى ذلك يسجلون نتائج أقل من غيرهم في الاختبارات نتيجة تشتت تركيزهم وتعرضهم للضغط. إن تركيزك على هدف واحد واتقانك له سيغير بشكل ملحوظ في النتائج التي تطمح إليها، اطلب المساعدة عند الحاجة ولا تخف من مواجهة التحديات الجديدة حيث ستتفاجأ بأنها تصقل مهاراتك وتطور من أساليبك مع مرور الأيام.
Goal Setting 5- كن سيد وقتك
عندما نضع أجنداتنا الخاصة ونجدول مانودّ فعله خلال اليوم سنلاحظ بأن وقتنا أصبح مثمرًا على نحو جميل، كيف ذلك؟! تخيل معي أنك تقوم بتحضير قائمة بمهام اليوم التالي، ترتبها حسب أولوياتك وأوقاتك، تستيقظ صباحًا وأنت مدركٌ للأمور التي تنتظرك دون الحاجة للتفكير فيها وعند القدوم إلى نهاية اليوم تتفاجأ بكمية المهام التي أنجزتها وقمت بمحوها من قائمتك، ستشعر بالرضا والارتياح أليس كذلك؟! إن جدولة ساعات اليوم، أيام الاسبوع وحتى الأشهر إلى جانب التزامنا بأنماط معينة من التخطيط والإدارة ستجعلنا قادرين على قراءة المستقبل وإعداد أنفسنا وفقاَ لذلك، حيث يمكنك الاستعانة بمختلف المصادر المتاحة على شبكة الإنترنت، وقراءة الكتب أو تحميل التطبيقات التي تُسهم في تنظيم وقتك. المقالات التالية قد تكون بداية جيدة لك! مهارات يجب عليك اكتسابها: إدارة الوقت وترتيب الأولويات كيف يمكنك الحصول على ساعات إضافية خلال يومك!! مهارات تنظيم وإدارة الوقت بشكل فعال
6- ابتكر نمطك الخاص
من السهل تذكر المعلومات إذا كنت في نفس المكان الذي تعلمت فيه هذه المعلومات لأول مرة أو إذا ما تم ربط هذه المعلومات بتصرف أو عادةِ خاصة، لذا فإن وجود مساحة مخصصة في المنزل تتضمن مكتبك الخاص، الأدوات التي تستعملها بشكل دوري، درجة الإضاءة المناسبة، تفضيلاتك الشخصية كالترتيب والألوان ستحسن بشكل ملحوظٍ من آلية تلقيك للمعلومات وتفاعلك معها.
7- اكتسب مهارات جديدة
إن تطويرك لمهاراتك التكنولوجية لن ينعكس فقط على دراستك عن بعد بل وسيزيد من فرصك المستقبلية ويعزز من حياتك المهنية بطريقة تتناسب والتطلعات التي تحلم بها. كن صبورا في التكيف مع الفروق الدقيقة أثناء فعلك لذلك، التزم ببعض الندوات والدورات القصيرة المتوفرة على شبكة الإنترنت، ضع تصورًا لأدائك وسترى نتائج هذا الأمر في إنتاجيتك والطريقة التي تتقدم بها.
8- شارك في النقاش واجعل دراستك أكثر تفاعلية
جميعنا يتمنى دوام أوقاتنا الممتعة، لكن كيف لنا أن جعل الدراسة عن بعد ممتعة ومسلية؟! الإنسان كائن اجتماعي بطبعه يحب بناء العلاقات الاجتماعية حتى وإن كانت على مستوى محدود، إن تنوع البيئات الثقافية للأشخاص المشاركين، وجود أشخاصِ نعرفهم، إبداء الأراء الفردية والجماعية والمبادرة في مناقشة العديد من الأفكار بين المشاركين لهي عوامل تعزز من التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية فيما بيننا فضلاَ عن أنها تعزز شعورنا بالمتعة والتحدي. الجميل في الأمر أن بعض المنصات التعليمية توفر هذه البيئة على منصاتها عن طريق توفيرها لأقسام تبادل الدردشة والمشاريع المعطاة ونذكر منها منصات Edraak & Coursera في حين أن بعض الاشخاص يفضلون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الدراسة الخاصة فيما بينهم لجعل الأمر أكثر تفاعلية وخصوصية. إقرأ المزيد عن التعليم الذاتي والمنصات التي توفره.
9- اهزم المشتتات
من المعلوم بأن المشتتات هي العدو الأول لسلسة التركيز الطويلة التي نكون غارقين فيها، البعض منا قد يتشتت تركيزه بصوت عصفور نشيطِ يغرد في الخارج أو حتى بتفاصيل الغرفة من حوله والبعض الآخر قد ينجز ويبدع على انغام موسيقاه المفضلة. إن مصادر الإلهاء تختلف باختلاف تعاملنا معها، إلا أن هواتفنا الذكية تبقى مستثناةَ من كل ذلك نظراَ لأنها تبقى بالقرب منا وتستخدم في العديد من مهامنا اليومية، من المهم أن نبقي هواتفنا بعيدةَ عنّا أثناء الدراسة عن بعد لكن في حال صعوبة تحقيق ذلك لكن يمكننا الاستعانة ببعض التطبيقات لضبط استخدامنا بشكل أكبر حيث نذكر منها: Freedom SelfControl Block Site Cold Turkey FocusMe الأمر يحتاج جهداَ إضافياَ بكل تأكيد، لكن يبقى العامل الأهم في هزم مصادر الإلهاء هو المحافظة على درجة بسيطة من الالتزام حتى نستطيع بذلك تحقيق الوقت الكافي للغرق في سلاسل أفكارنا دون التأثر بالعوامل الخارجية. اقرأ ايضا: أفضل البرامج والتطبيقات التي تحتاجها عند لعمل عن بعد .
10 ارتح قليلا
هل وجدت نفسك في بعض الأحيان تعمل على تعلم شيء جديد دون أن تحقق أي تقدم يذكر؟! تعتبر هذه الآلية أحد أشهر وسائل الدماغ لإخبارنا أننا بحاجة إلى أخذ قسط من الراحة، يمكن لإعداد مشروبِ نحبه، الاستماع إلى أغانينا المفضلة، المشي في الهواء الطلق أو التحدث مع أحدِ نهتم لأمره أن يعيد لنا النشاط ويجدد فينا الثقة والإبداع. لكن من المهم أيضا ألاّ يستغرق ذلك وقتًا طويلاَ حتى لا نفقد تركيزنا وننسى بذلك ماكنّا نعمل عليه.
11- أتقِن فن التعلم
إن مايدفعنا لتعلم شيء ما هو حاجتنا إليه أو حبنا لاستكشافه، لذا من الأهمية بمكان أن نحدّد ما نحتاجه بدقةِ دون النظر إلى العناوين العامة التي تظهر لنا، فكر في المهارات التي تسعى إلى اكتسابها وخصص وقتا لذلك بعيدًا عن الالتزامات الأخرى وحدّد الأساليب الدراسية المثلى التي تتناغم وشخصيتك اليومية. على سبيل المثال إذا كنت ممن يتعلمون بصريًا سيكون من المهم طباعة نصوص المحاضرات ومشاهدة تسجيلات الفيديو الخاصة بها لمراجعتها، أما إذا كنت ممن يفضلون التعلم السمعي فتأكد من تخصيص وقت خلال اليوم لتشغيل محتوى الدورة التدريبية بشكل صوتي أو سماع كتب صوتية عن ذات الموضوع فاتباع هذه الأساليب من شأنه جعل محتوى الدورة التدريبية جاذبًا وممتعًا. قد يستغرق إيجاد الاسلوب المناسب منك وقتاَ طويلاَ، لكن بمجرد إتقانك له سيصبح من السهل تعلم الأشياء الجديدة بل وحتى المعقدة منها. اقرأ أيضًا: أنماط التعلم | ما هو نمط التعلم المناسب لك وكيف تستغله؟
12- المتابعة والتدوين
إن أسهل طريقة للإنجاز هي تحديد الأهداف والأولويات قبل البدء بالعمل. فكّر فيما تريد تحقيقه وقسم المهام إلى مراحل قابلة للقياس لكن تذكر أن تجعل معالمك قابلة للتحقيق، لا تعد نفسك بالكثير فتفشل ولا تعطي نفسك القليل فتهدر وقتك. إذا ما افترضنا على سبيل المثال بأن الهدف المرجو من هذا الأسبوع هو قراءة 100 صفحة تتعلق بالموضوع الذي نتعلمه فإن الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك ستتمثل بإيجاد المقالات أو الفصول التي تعنى بهذا الموضوع، تنظيمها وقرائتها. إضافة إلى ذلك فإن تدوين الملاحظات وتعقب المهام في مذكرتك الخاصة أو باستخدامك لبعض الأدوات والبرامج الإضافية مثل Notion أو Trello أو Asana سيجعل من تتبع تقدمك أمرًا مغريًا فضلاَ عن أنه سيساعدك على تحقيق إنجازات إضافية بكل سهولة.
13- استرجع ما تعلمته
إن المراجعات المنتظمة للأشياء التي تمت دراستها، إنشائك لملاحظاتك الخاصة واختبار نفسك بالمفاهيم الأساسية للدورة التي تعلمتها لن تحسّن من ذاكرتك فحسب بل ستساعدك أيضًا على فهم ما تعلمته بشكلِ أفضل. إضافة إلى ذلك، فإنّ وجود شركاء في الدراسة سيوفر لك بيئة مثالية للعمل، تعدّدا في وجهات النظر وتحفيزًا عاليا لتحقيق نتائج أفضل، شارك ملاحظاتك وعاداتك الدراسية مع زملائك الافتراضيين، ادعموا بعضكم البعض خلال عملية الدراسة عن بعد وستتفاجؤون بجودة النتائج المحققة من ذلك.
14- كافئ نفسك
من المغري أن نكافئ أنفسنا بجوائز بسيطة كشراء الحلوى، شراء ملابس جديدة أو حتى أخذ قسطِ من الراحة حيث سيجعل ذلك من عملية تعلّمنا عن بعد مستمرة ومليئة بالشغف والإبداع إضافة إلى بقائنا ممتنين لجميع الأمور التي ننجزها طوال تلك الفترة.
قد تكون الدراسة عن بعد في بعض الأحيان خيارًا، لكنها في أحيان أخرى قد تكون هي الحلّ الوحيد كما حدث خلال جائحة كورونا. لا بأس إن لم يكن التعليم عن بعد طريقتك المفضّلة في الدراسة، لكن تستطيع بكلّ تأكيد الاستعانة بأيّ من الاستراتيجيات السابقة لتحسين أدائك وضمان تحقيق النتائج التي تطمح إليها.